د. معمر قبسه
لطالما تطور التعليم مع احتياجات المجتمع، متحولاً من نقل المعرفة إلى تطوير المهارات وتعزيز مشاركة المتعلمين. وفي قلب هذا التطور يكمن سؤال تربوي أساسي: من يقود عملية التعلم :المعلم أم الطالب؟ فهم الفرق بين النهج التعليمي المرتكز على المعلم والنهج التعليمي المرتكز على الطالب أمر أساسي للمعلمين الذين يسعون لإنشاء بيئات تعليمية فعّالة. النهج التعليمي المرتكز على المعلم النهج المرتكز على المعلم، المعروف أحياناً بالنهج “التقليدي”، يضع المعلم في مركز العملية التعليمية. في هذا النموذج: • المعلم هو المصدر الرئيسي للمعرفة، ويقود الطلاب من خلال المحاضرات والعروض التعليمية والدروس المنظمة. • التعلم غالباً ما يكون فيه الطالب سلبياً وغير متفاعل، حيث يُتوقع منه الاستماع والحفظ واسترجاع المعلومات. • عملية التقييم تركز على المعرفة الواقعية (Factual knowledge)، غالباً من خلال الامتحانات والاختبارات القصيرة. يمتلك هذا النهج عدة نقاط قوة، مثل كفاءته في نقل كميات كبيرة من المعلومات، والحفاظ على النظام داخل الصف، وضمان تغطية المنهج الدراسي. ومع ذلك، قد يحد من التفكير النقدي والإبداع ومهارات حل المشكلات، حيث يُعتبر الطلاب في كثير من الأحيان متلقين سلبيين بدلاً من مشاركين نشطين. النهج التعليمي المرتكز على الطالب في المقابل، ينقل (النهج التعليمي المرتكز على الطالب) الطلاب من التدريس إلى التعلم، ويُمكّن الطلاب من القيام بدور نشط في تعليمهم. تشمل السمات الرئيسية: • التعلم النشط، حيث يشارك الطلاب في النقاشات والمشاريع الجماعية والتعلم القائم على حل المعضلات والأنشطة الاستقصائية. • تجارب تعليمية مخصصة، تسمح للطلاب باستكشاف المواضيع التي تهمهم والتعلم وفقاً لوتيرتهم الخاصة. • تطوير مهارات التفكير العليا، مثل التحليل النقدي والتركيب والتأمل والإبداع. يشجع هذا النهج على الاستقلالية والتعاون والفهم العميق، ويُعد الطلاب لمواجهة تحديات سوق العمل المتغيرة. ومع ذلك، فإنه يتطلب توجيهاً ماهراً، ووقتاً أطول للتخطيط، وموارد متعددة لدعم أساليب التعلم المتنوعة.

اختيار النهج المناسب النقاش لا يدور حول اختيار نهج واحد فقط، بل فهم كيفية الموازنة بينهما. على سبيل المثال: • المعرفة الأساسية قد تستفيد من أساليب التعلم المرتكزة على المعلم. • التطبيق والتحليل وحل المشكلات تكون أفضل مع استراتيجيات التعلم المرتكزة على الطالب. تدعو الأطر التعليمية الحديثة غالباً إلى النهج المدمج، حيث يوجه المعلم عملية التعلم بينما يقوم الطلاب ببناء المعرفة بشكل نشط، مما يجعل التعليم أكثر جاذبية وفعالية. الخلاصة كلا النهجين، المرتكز على المعلم أوالمرتکز على الطالب، لهما دور محدد في العملية التعليمية. المفتاح للمعلمين هو تكييف استراتيجياتهم وفق أهداف التعلم والمحتوى واحتياجات الطلاب، وخلق بيئات تعليمية تكون مفيدة وتحويلية في الوقت نفسه. من خلال الموازنة المدروسة بين هذه النهجين، يمكن للمعلمين تمكين الطلاب ليس فقط من التعلم، بل من التفكير والتساؤل والابتكار. أكتوبر 2025